شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
شرح كتاب الآجرومية
111884 مشاهدة
النكرة والمعرفة

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال المؤلف -رحمنا الله تعالى وإياه- والمعرفة خمسة أشياء: الاسم المضمر؛ نحو: أنا وأنت. والعلم؛ نحو: زيد ومكة. والاسم المبهم؛ نحو: هذا وهذه وهؤلاء . والاسم الذي فيه الألف واللام؛ نحو: الرجل والغلام. وما أضيف إلى واحد من هذه الأربعة.
والنكرة: كل اسم شائع في جنسه لا يختص به واحد دون آخر , وتقريبه: كل ما صلح دخول الألف واللام عليه, نحو الرجل والفرس.


يتكلم النحويون على النكرة والمعرفة. فيعرفون النكرة؛ بأنه الاسم الذي يقبل الألف واللام، فإذا نزعت منه الألف واللام؛ فإنه نكرة. بمعنى أنه. مستنكر وضده المعرفة. فإذا قالوا مثلا: دخلت مسجدا، ووجدت فيه رجلا. فهذا المسجد نكرة يصلح أن يكون هذا وهذا وهذا لم يعرفه المخاطب؛ فالسامعون لا يدرون أي مسجد هو؛ يسمى نكرة. والرجل الذي فيه مثلا لا يعرفون شخصه يصلح أن يكون زيدا وخالدا وسعيدا؛ يسمى أيضا نكرة.
ودليل كونه نكرة دخول الألف واللام عليه؛ فإنك تقول: دخلت المسجد ووجدت فيه الرجل، وقرأت فيه في المصحف. كأنه يقول: المسجد المعروف عندكم، والرجل الذي تعرفونه، والمصحف الذي تعرفونه وتميزونه عن غيره. فتكون معرفة بدخول الألف واللام عليها، ونكرة إذا نزعت منها الألف واللام. يقول ابن مالك:
نكـرة قــابـل ال مؤثـــرا
أو واقـع موقع مـا قد ذكرا
وغيره معـرفــة كهـم وذي
وهند وابنى والغـلام والـذي
ومــا لذي غيبة أو حضــور
كأنت وهـو ســم بالضمير
فيقول: إن النكرة هو قابل أل. الذي يقبل دخول الألف واللام عليه فهو نكرة. ومعرفة إذا دخلت عليه. ثم قيد ذلك بما إذا كانت الألف واللام تؤثر فيه تعريفا، بخلاف الألف واللام التي لا تؤثر فيه. وذلك لأن هناك أسماء تدخلها الألف واللام ولا تزيدها تعريفا؛ فهي معرفة قبل ذلك لأنها أعلام:
كالفضـل والحــــارث والنعمان
فذكـر ذا وحذفــه ســــيان
فإنك تقول: جاء فضل، وتريد به رجلا معينا، ثم تقول: جاء الفضل وهو أيضا معروف. فهو قبل أل وبعدها معرفة. وكذلك إذا قلت: جاء عباس، وجاء العباس. هو قبل أل وبعدها معرفة لم تؤثر فيه الألف واللام تعريفا. وكذلك الحارث؛ حارث والحارث، نعمان والنعمان. هذه أسماء معرفة؛ وذلك لأنها أعلام؛ فدخول الألف واللام عليها لا يغير كونها معرفة.
وبكل حال.. فذكرهم للمعرفة والنكرة لما أنه ذكر النعت، وذكر أن النعت يتبع المنعوت في: رفعه ونصبه وخفضه، وتعريفه وتنكيره ؛ احتاج إلى أن يبين ما المراد بالتعريف والتنكير؟ . أو ما المراد بالمعرفة والنكرة؟ . وهل هي تختص بالأسماء أو تكون في الأفعال؟ . فبين أنها من الأسماء.